الحب الحقيقي.. كيف يكون؟
الحب من
المعاني السامية والصفات التى تسمو بروح الإنسان وتضيف الى حياته البهجة والسعادة.
فالحب يخلق في الإنسان المشاعر الجميلة التى تبني له العلاقات وتوصله الى
الإستقرار والرضا، فالحب حالة لا يستطيع الإنسان الإستغناء عنها لأنها من فطرته
التى فطره الله عليها.
ولكن ما هو الحب الحقيقي؟ وما هي مصادره؟ وما أنواعه؟ وما سماته؟
حب الله:
ان الحب
الحقيقي هو حب الله تعالى الذي هو سبب وجودنا في هذه الدينا وعبادته، فالمرء الذي
يعبد الله على معرفة بقدرته وعظمه ونعمه التى لا تُحصى، يخلق في قلبه حب الله الذي
يغمر قلبه بالنور والإنشراح والاخلاص والسعادة والعطاء والرضا، فحب الله هو إعمار
للقلوب بالسكينة واللإطمئان لها، (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى
نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ِ)، فيصبح
ذلك القلب المحب لله مصدرلكل هذه المعاني مع كل من حوله، كما أنه يتشرب سمات الحب
الحقيقي وهي الحب غير المشروط، الحب الدائم، الحب المخلص، الحب المعطي.
لقد كانت
أفضل الأوقات عند صحابة رسول الله هي أوقات لقائهم بربهم، وذلك لحبهم لله حباً
جماً، ولذلك أحبوا لقائه، وذلك هو الحب الحقيقي في الاسلام، وهو حب الله وطاعة
أمره وابتغاء مرضاته.
وكل ما
يجب عليك معرفته أن حب الله هو مصدر كل أنواع الحب الذي يكون بين البشر، فكلما كانت
محبتك لربك أقوى كلما سما قلبك بمشاعر عميقة وجميلة تستقبل كل من تحب بأروع حب
صادق.
حب الرسول صلى الله عليه وسلم:
هو الحب
الذي يأتي بعد حب الله لا يتقدمه أي حب من حب البشر، فهو الحب الخالص للنبي العظيم
الذي بلغ لنا الرسالة، وحب الله ورسوله من شروط الإيمان التى لا يكتمل الإ بها.
فعن الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده
ومن الناس أجمعين) البخاري ومسلم.
وقال صلى
الله عليه وسلم: (أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله) الطبراني.
حب الوالدين لأبنائهم:
انه أجمل
وأروع حب بين البشر، فهو حب غير مشروط وحب أبدي وحب معطاء بلا حدود، فيه يتفانى
الوالدين في إسعاد أبنائهم بكل ما أوتوا وعلى حسب سعادتهم وراحتهم أحياناً كثيرة، فأبنأُهم
هم فلذات أكبادهم يُضحوا بالغالي والنفيس لأجلهم خصوصاً الأم التي يُضرب بها
الأمثال في حبها لأبنائها، فياروعة هذا الحب في العلاقات الإنسانية.
حب الأبناء للوالدين:
حب المرء
لوالديه حباً مفطوراً عليه فهو أول حب يقع فيه المرء وأول علاقة يُنشأها في حياته
مع والدايه، فحب المرء لوالديه لا يقارن بحبهم له، لذلك أمرنا الله بالبر والإحسان
للوالدين وحرص على ذلك في القرآن والسنة النبوية وجعل رضاه من رضا الوالدين، فقد
قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك
الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض
لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً). فأبر الناس وأفضلهم
إحساناً لوالديه هو الذي يُعمر قلبه بحب الله.
حب الأخ لأخيه:
هناك
نوعان: أخوة النسب، وأخوة في الدين، وهو حب لا مصلحة فيه، هو حب متبادل يدوم
للأبد، فالأخ بالنسب تتشارك معه في الوالدين، وتربطك به ذكريات الطفولة، وهو رفيق
الدرب، وحب الأخوة ينشأ بين الأشخاص الذين يتشاركون في بعض الأمور، وتتكون هذه
العلاقة بسبب التفاهم الذي يكون بينهم، ويكون الاخلاص والصدق والتضحية من أهم صفات
هذا الحب.
حب الذات:
طبعاً
هذا لا يعني أن تكون أناني، حب النفس يعني أن تقدر ذاتك وتحبها وتطورها، وكلما زاد
حبك لذاتك استطعت أن تعطي حباً أكثر لمن حولك، ففاقد الشيء لا يعطيه.
الحب الذي يكون بين الجنسين:
وهو حب
يجمع طرفين فيه من المشاعر العميقة والجميلة التي توصلهم الى حياة زوجية سعيدة ،
فهذه المشاعر اذا أصبحت مشاعر غير مقيدة ولا مشروطة وفيها القبول والرضا الكامل
للطرف الآخر بكل صفاته والإثاروالعطاء كلاً منهما للآخر فقد حققا الحب الحقيقي
الذي يضمن لهما حياة مليئة بالحب والمودة والرحمة والسعادة.
ما هي علامات الحب الحقيقي؟
السعادة:
شعورك
بالسعادة بجوار ذالك الشخص، وشعوره أيضاً بالسعادة عندما يكون بجوارك أيضاً.
الأمان:
عدم
شعورك بالنقص والغيرة أو الحسد اتجاهه، فمثلاً قضائه للوقت مع أصدقائه لا يشعرك بأي
ضغوطات، لأنك واثق في محبته لك.
التقبل:
تقبل
الطرف الآخر بكل عيوبه ومميزاته وبدون أي تغيير، وعدم تأثرك بالفروقات التي بينكم.
التسامح:
الجميع
يتعرض لارتكاب الأخطاء، فنحن غير معصومين عن الخطأ، ودليل على الحب الحقيقي هو
القدرة على المسامحة وبعدها نسيان الخطأ، وعدم تذكره للشخص الآخر باستمرار.
الاهتمام:
الاهتمام
ووضع الأولوية للطرف الآخر في جميع الأوقات.
الدعم:
دعم
الطرف الآخر بدون شروط أو قيود، ادعم ما يحبه وليس ما تحبه أنت.
أن تكون
على طبيعتك:
أن لا
تخاف من أن لا يحبك الطرف الآخر وأنت على طبيعتك.
اهتمامات
مشتركة:
تحب
مشاركة اهتمامات ونشاطاتك وهواياتك وحتى قصصك مع من تحب، فمشاركة هذه النشاطات
تظهر مدى الحب والاهتمام الذي يريد كل طرف تقديمه للآخر، وخلال المشاركة ستتعلم كل
ما يحبه وما لا يحبه أيضاً.
الالتزام:
من
علامات الحب الحقيقي هي الالتزام بواجباتك للطرف الآخر، واعطائه الحب والاحترام
والاهتمام، حتى تستمر هذه المحبه.
الاحترام:
احترام
الطرف الآخر، وتقبل رأيه واحترامه، ووضع نفسك في مكانه من أجل حل المشكلات.
التقدير:
ان تحب
الشخص يعني أن تقدر أفكاره ومعتقداته واحترامه عند التحدث عنها، فمحاولة تغيير
الشخص الذي تحب تسبب البعد وتوتر العلاقة.
الاخلاص:
عدم
التصرف بأنانية اتجاه الطرف الآخر، والسعي معاً للأفضل.
التضحية:
أن يضحي
كل شخص من أجل اسعاد الآخر، وبالتضحية تتكامل جوانب هذه المحبة.
احذر من هذا الحب:
احذر من الحب
المؤلم، فالحب الحقيقي لا يخدع ولا يكذب ولا يؤلم، لا يشعر بالغيرة منك أو من
نجاحاتك، لا يحاول تقييدك أو اسكاتك، يخدعنا التلفاز والمسلسلات الرومانسية بأنك
لابد أن تشعر بالألم والفراق في الحب، وأن الحب المؤلم هو أسمى أنواع الحب، وهذا
خاطئ، لا تقم بجذب هذا الحب إليك، تعلم أن الحب الحقيقي هو رحمة ومودة، ومشاركة الطرفين
واهتمام كل طرف بالآخر.
احذر أن
تكون الطرف المتعلق بالطرف الآخر لدرجة تملل الطرف الآخر منك، لا يجب أن تقضي طوال
وقتك مع من تحب، يجب أن تكون لك حياتك واهتماماتك الخاصة بك، قدم الحب لعملك
واهتماماتك، قدم الحب لعدد كبير من الناس، ابدأ بحب نفسك ثم قدم الحب والاهتمام لوالديك،
وأبنائك وشريكك في الحياة، ولا تنسى اخوتك وأصدقائك وزملائك في العمل.
طرق التعبير عن الحب:
يجب أن
تعبر لمن تحب بحبك بالقول والفعل حتى يشعر بحبك ويبادلك نفس الشعور:
الاهتمام
بمن تحب، وتقديم الرعاية والاهتمام بشريكك من أفضل طرق الحب، والسؤال عنه وتفقد
أحواله والاستماع له وتخصيص الوقت الكافي لقضائه معه.
التعبير
عن حبك بالقول، وبكل صراحة، وترديد الكلمات المحبة دائما، أخبر والديك كم تحبهما،
أخبر أبنائك وزوجتك بحبك واشتياقك لهم، أخبر أصدقائك أنك تحبهم وأنك تحب الوقت
الذي تقضيه معهم، يمكنك التعبير عن حبك بالكلمات التي تحب وتريد أن تسمعها من
الأشخاص الذين تحبهم.
التعبير
عن الحب بالفعل، فالحب لا يكفي بمجرد الكلمات، ان كنت تحب الطرف الآخر فلن تقول له
سأكون صادقاً معك وتذهب في الحقيقة وتكذب عليه، فالحب قول وعمل.
تعليقات
إرسال تعليق